مشاكل الشباب وحلولها

 images

تعتبر مشكلة الشباب في العالم العربي من إحدى القضايا الهامة والأساسية باعتبار الشباب يشكلون الطاقة البشرية والحيوية القادرة على القيام بالعمليات النهضوية والتنموية بالإنطلاق من

.التعليم والتربية والثقافة والإعلام والقيم الدينية والاجتماعية  .

تقدر نسبة الشباب في العالم العربي بحدود 20% من مجمل سكان العالم العربي (أي قرابة 50 مليون شاب وشابة) ، إن هذا العدد الكبير يتطلب  دراسة أوضاعه والوقوف عند همومه وطموحاته باعتبار الشباب هم الرصيد الاستراتيجي وهم الثروة الحقيقية لذلك فالحديث عنهم حديث عن المستقبل والتحديات المقبلة ، إن مشكلة الشباب تنبع بالأساس من خلل في سياسات التنمية والإعلام والتشغيل والتربية والتعليم والتنشئة الاجتماعية والسياسية ، الأمر الذي يفرض ضرورة مشاركة عدد كبير من العلماء والباحثين والكتاب والمفكرين وعلماء النفس والاجتماع  والرعاة على التربية والتعليم في وضع استراتيجية مستقبلية تتبنى جيل الشباب وتساعده على تجاوز الصعوبات والمعوقات التي تعترض سبيله .

هموم الشباب:

إن واقع الشباب في العالم العربي يعاني من جملة أزمات ، فقد أدت المتغيرات الاجتماعية في العصر الحديث إلى خلل في الأسرة العربية ، بعد أن غزت الثقافات المختلفة فأدت إلى بعض التصدعات داخل الأسرة ، الأمر الذي غير من شكل العلاقات الأسرية والاجتماعية حيث اهتزت بعض القيم والمبادئ لدى الشباب وظهرت هموم ومشكلات نبرز من أهمها مايلي :

1 - الفراغ التربوي :

أصبحت العلاقات بين الأسرة الواحدة مثل العلاقات بين ساكنى فندق وعليه يتحدد المستوى الاجتماعي رقياً وضعفاً ، مشيراً إلى أن العلاقة بين الأسر وأعضائها أصبحت علاقة جوار وقتي عند النوم ، وأحياناً عند الطعام ، فمثلاً توجد علاقة تربط الأبناء بالآباء والأزواج بالزوجات كما رسمها الله فى الكتاب المقدس ، والشباب هم أكثر فئات المجتمع تأثراً بالفراغ التربوي مما انعكس على بناهم النفسية والعقلية وتوجيهاتهم الثقافية والأخلاقية والاجتماعية .

2 - أزمة التعليم  ومظاهر الأمية الحضارية :

ويقدر عدد الطلاب في العالم العربي لكافة المراحل بأكثر من 100 مليون طالب ،  إن هذا العدد الضخم سلاح ذو حدين فإن استطعنا أن نحقق تعليماً فعالاً ينسجم مع حاجات المجتمع ويلبي طموحات خطط التنمية ، ويواكب التغيرات والتطورات العالمية ، فإن كل ذلك سيحدث ثورة اجتماعية واقتصادية في غضون سنوات محددة ، بشرط أن لا يبقى حال التعليم في العالم العربي على وضعه الراهن ، فالعالم العربي يعيش تراجعاً مستمراً في دخله القومي ، ويتوقع له مزيداً من التراجع بسبب عوامل عديدة داخلية وخارجية ، اذ أن خريجي التعليم على مختلف مستوياتهم سيشكلون مزيداً من العبء على المجتمع بكامله ، وبدلاً من أن يقودوه إلى الأمام فإنهم سيكونون قوة كابحة لتقدمه وتطوره وبخاصة فإن عدد خريجي الجامعات يزداد بصورة كبيرة ، والسؤال أي المشاريع العربية القادرة على استيعاب هؤلاء وغيرهم من خريجي الثانويات والمدارس والمعاهد المتوسطة ، إن أهم مايعيق التعليم هو ضعف الإنفاق عليه في العالم العربي ، حيث لا يتجاوز 30 مليار دولار سنوياً ، لذلك لابد من إعادة ترتيب الأولويات في الإنفاق ووضع العملية التعليمية في المراتب الأولى حتى يصبح للتعليم دلالته القيمية إذا أصبح هو هدف الشباب في ظل الفراغ التربوي ، هو الحصول على الشهادة ، وبالتالي وبذلك أصبح الأسلوب السائد هو أسلوب الحفظ والتلقين ، وتغيب النقاش والحوار ، ومن هنا ظهرت أمية الحضارة إن لم يكن التخلف الحضاري .

3 - البطالة

يرتبط مفهوم البطالة بوصف حالة المتعطلين عن العمل وهم قادرون عليه ويبحثون عنه ، إلا أنهم لا يجدونه ، ويعتبر مفهوم البطالة من المفاهيم التي أخذت أهمية كبرى في المجتمعات المعاصرة من البحث والتحليل  بوصفه موضوعاً يفرض نفسه بشكل دائم وملح على الساحة.

حجم البطالة ونسبتها :

يتحدد حجم البطالة من خلال احتساب الفارق بين حجم مجموع قوة العمل وحجم مجموع المشتغلين ، أما نسبة البطالة فتحسب بقسمة حجم البطالة على إجمالي قوة العمل مضروباً في مئة ، وذلك وفقاً للمعادلة التالية :

نسبة البطالة =(حجم البطالة /إجمالي قوة العمل) × 100

إن نسبة القوى العاملة في العالم العربي هي من النسب المتواضعة مقارنة مع الدول المتقدمة التي تتراوح فيها نسبة القوى العاملة 50% من مجمل السكان ، بينما في العالم العربي لا تتجاوز 26.5% من مجمل السكان

أثر البطالة على الشباب والمجتمع:

1 - الجانب النفسي:

تؤدي حالة البطالة عند الشباب إلى التعرض لكثير من مظاهر عدم التوافق النفسي والاجتماعي ، إضافة إلى أن كثيراً من العاطلين عن العمل يتصفون بحالات من الاضطرابات النفسية والشخصية ، فمثلاً يتسم كثير من العاطلين بعدم السعادة وعدم الرضا والشعور بالعجز وعدم الكفاءة ، مما يؤدي إلى اعتلال في الصحة النفسية لديهم ، كما أنهم يتعرضون للضغوط النفسية أكثر من غيرهم بسبب معاناتهم من الضائقة المالية التي تنتج عن البطالة .

2 - الجانب الأمني:

تشير الدراسات أن هناك علاقة بين البطالة والجريمة ، فكلما زادت نسبة البطالة ارتفعت نسبة الجريمة ، ومن أهم ما ورد في تلك الدراسات :

أ - تعد جريمة السرقة من أبرز الجرائم المرتبطة بالبطالة ، حيث تبلغ نسبة العاطلين المحكوم عليهم بسبب السرقة 27% من باقي السجناء المحكوم عليهم لنفس السبب.

ب - كلما ازدادت نسبة البطالة ، ازدادت جرائم [القتل – الاغتصاب – السطو – الإيذاء] حيث أكدت دراسة أمريكية أن ارتفاع البطالة بنسبة 1% يؤدي إلى ارتفاع نسبة جرائم القتل بـ 6.7% ، وجرائم العنف بنسبة 3.4% .

3 - الجانب الاقتصادي:

الإنسان هو المورد الاقتصادي الأول ، وبالتالي فإن أي تقدم اقتصادي يعتمد أول ما يعتمد على الإنسان بإعداده علمياً حتى يتحقق دوره في الإسهام في نهضة المجتمع ، وتضعف البطالة من قيمة الفرد كمورد اقتصادي وتعمل على إهداء الطاقات البشرية .

البطالة المقنعة:

إن أبشع أنواع البطالة وأكثرها حدة في الدولة المتخلفة ، وتعرف بأنها مقدار قوة العمل التي لا تعمل بشكل فعلي في النشاط المنتج ، ويمكن أن نرى ضمن إطار البطالة المقنعة ثلاث نماذج مختلفة وهي :

1 -  شباب دخلوا مجالات عملهم غير راغبين بها ، بل مجبرين وذلك بسبب ضيق مساحة الاختيار أمامهم ، خصوصاً في ظل سياسة معدلات القبول الجامعي من جهة ، والنظرة الاجتماعية المغالطة لبعض الاختصاصات من جهة ثانية ، ومثال على ذلك المعلمون .

2 - شباب أجبروا على القيام بأعمال ليست من اختصاصهم لعدم وجود حاجة لاختصاصاتهم ، مثل خريجي التربية وهم يمارسون أعمال مالية أو حسابية .

3 - شباب دخلوا ميدان أعمال تتوافق مع اختصاصاتهم ، لكنهم لا يقومون بأعمالهم على أكمل وجه والسبب هو الفراغ التربوي الذي يعيش في ظله الشباب ، وهو أخطر الأنواع وأكثرها انتشاراً في القطاعات الإنتاجية العامة في العالم العربي

فإذا كانت البطالة المقنعة هي السبب الرئيسي في تدني الإنتاجية ، فهي أيضاً تستنزف قسماً كبيراً من الموارد المالية دون أن تنتج حيث تحول العمل ليس كمقابل للأجر المقبوض لكنها وسيلة سهلة له ، مما يساعد بشكل خطير على تراكم الموظفين العاملين لدى الدوائر العامة والحكومية .

4 - الإدمان

الإدمان مشكلة نفسية ، وعملية توافقية غير موفقة لشخص مضطرب ، والإدمان آفة اجتماعية ومشكلة قانونية خطيرة ولها آثار سيئة متعددة على الفرد والأسرة والمجتمع لأن المدمن قد يلجأ إلى أي وسيلة للحصول على مادة التعاطي ، من الكذب إلى السرقة إلى التزوير ، وغير ذلك مما يؤثر تأثيراً سيئاً واضحاً على عمله وعلى حياته الزوجية والاجتماعية ، ومن المؤسف أن أكثر الفئات العمرية تعاطي للمخدرات هم الشباب ، وهم الطاقة البشرية ، وهم الثروة الحقيقية داخل أي مجتمع ، ويحدث الإدمان نظراً لأفكار ومعتقدات خاطئة .

أفكار ومعتقدات شائعة حول الإدمان :

تلعب الأفكار والمعتقدات دوراً مهماً في سلوك المدمن وفيما يلي عدد من الأفكار والمعتقدات لدى الشباب حول الدور الذي تلعبه مواد التعاطي ، وما يرتبط بها من أوهام السعادة أو الشعور باللذة والنشوة ، كما يشاع وسط المتعاطين والمدمنين أنها

أ -  تنسي الإنسان هموم الدنيا .

ب - تنقل الإنسان من الكآبة إلى السعادة .

ج - تنقل تفكير الشباب من المشكلات إلى اللاشيء .

د -  تنشط الفرد جنسياً .

ه -  تخفف من المتاعب الجنسية .

و -  تجعل الفرد يعيش في عالم الأحلام .

ز -  تجعل الفرد يعمل فترة طويلة بدون تعب .

كل هذه المعتقدات ماهي إلا مشاعر زائفة وأوهام ، فهل تعمل المخدرات على حل مشكلات الشباب ؟؟

أضرار الإدمان ومخاطره على الشباب :

1 - قد أثبتت الدراسات بأنه توجد علاقة موجبة بين التعاطي وارتكاب الجريمة ، وخاصة جرائم العنف والسرقة والبغاء .

2 - أشارت دراسات أمريكية حديثة إلى الارتباط بين وقوع حوادث الطرق والإدمان وخاصة الكحول والحشيش .

3 - يصاب المدمن باختلاط عقلي لا يستطيع معه تحديد الكمية المطلوبة من العقار ، فيتناول كمية كبيرة تودي بحياته .

4 - أثبتت الدراسات أن الإدمان يعمل على ضعف أو اختفاء الرغبة الجنسية في حالة غياب العقار .

5 -  اعتلال صحة المدمنين جسمياً ونفسياً .

6 - هذا بالإضافة إلى الأضرار التي تقع على المجتمع وإهدار طاقته المادية والبشرية والانفلات الأمني .

والوقاية من الإدمان من أهم مسئوليات الأسرة والمدرسة والكنيسة ، ففي الأسرة يجب تنشأة الأطفال على القيم الدينية الصحيحة وفي المدرسة يجب التوعية بأخطار التعاطي والإدمان مع الاستعانة بالأخصائيين النفسيين والاجتماعيين . وكذلك دور الرعاة والمرشدين وقادة اجتماعات الشباب.

5 - المشكلات الزواجية

مشكلات قبل الزواج ، تتعد المشكلات التي يحتمل حدوثها قبل الزواج ، وأهمها مايلي :

أ - مشكلة اختيار الزوج :

قد تحدث مشكلة اختيار الزوج عن طريق الصدفة التي قد تخطئ وقد تحدث نتيجة للحب من أول نظرة ، وقد تحدث كاستجابة لأول قادم نتيجة تأخر الزواج ، وكثيراً ممن فشل في زواجه يعزي أهم أسباب الفشل إلى عملية الاختيار في الأساس والتي لم تكن تلقى أهمية أو أولوية بمسألة الدين والخلق ، بل كثير من الخاطبين يشترط الجمال أو النسب أو المال أو الوظيفة كما يحصل في الوقت الحالي ، ربما على حساب الدين والخلق ، وما أن يتحقق له المطلوب حتى يدرك خطأه الفادح ، وربما يدخل في دوامة من المشكلات النفسية والاجتماعية والصراع النفسي .

ب - تأخرسن الزواج :

قد يحدث تأخر سن الزواج بالنسبة للإناث وتأخره بالنسبة للذكور ، فالنسبة للإناث يكون خارج عن يد الفتاة التي قد يطول انتظارها لمن يتقدم لخطبتها ، وقد يفوتها قطار الزواج ، وتظل تعاني من خلق وخوف البوار وعدم الاستقرار في المستقبل

أما بالنسبة للذكور فتكون الأسباب مختلفة ، مثل وجود بعض الظروف الأسرية أو الاقتصادية وقد تسبب مشكلة العنوسة مشكلات فرعية ، مثل: الغيرة وفقدان الثقة في النفس نتيجة زواج الأخت الصغرى قبل الكبرى .

ج - الإحجام والإضراب عن الزواج:

الإحجام أو الامتناع عن الزواج ، سلوك غير مرغوب فيه ، لأنه يضر الفرد والمجتمع ، ويعتبر بعداً عن الفطرة السليمة ،

أسباب الإضراب عن الزواج:

1 -  أسباب نفسية : مثل خبرة مؤلمة ، فقد الثقة في الجنس الآخر .

2 - أسباب صحية : ضعف في الصحة العامة ، ضعف من الناحية الجنسية .

3 - أسباب مهنية : الانشغال بالعمل والنجاح ، المضيفات في مجال الطيران .

4 - ارتفاع المهور وتكاليف الزواج ، وصعوبة الحصول على سكن مناسب .

5 - وجود نماذج لزيجات فاشلة في محيط الأسرة وخاصة الوالدين والأخوة .

6 - الصراع بين الأجيال :

الحقيقة أن القاعدة العريضة من الشباب تشعر بوجود فاصل زمني ومساحة في التفكير المختلف بينها وبين الجيل أو الأجيال التي تسبقها فى حين أن الأجيال السابقة  تسطح النظر إلى أفكار الشباب وتمنحهم قطرات من الخبرة مع كثير من المنّ ، ولا يترك هؤلاء مقاعدهم لمنح الفرص للشباب لإثبات وجودهم وتحقيق مستجدات نظرياتهم وأفكارهم التي هي في الغالب أكثر مواءمة وملائمة لمتغيرات العصر .

وهذه مشكلة لها جذور حادة في الواقع إذ تزداد فجوة التفاهم والتجانس والتآلف بين الشباب والكبار وأضحى الكبار ينظرون بعقلية الوصاية وإصدار الأوامر، الأخطر من ذلك أن غالبية الآباء أضحى جل همهم توفير متطلبات العيش والتعليم والصحة لأبنائهم ، متعللين بذلك بأن ضغوط الحياة قاسية تدفعهم للعمل مرتين وثلاث في اليوم ، دفعهم ذلك الواقع إلى تصور أن هذا هو كل مايريده الشباب .


طباعة   البريد الإلكتروني